علاج لتقرحات المعدة والقولون العصبي ويخفض نسبة النوبات القلبية وتركيز الكوليسترول
الإنسان له من القوة العضوية والوظيفية والبيولوجية ما يجعله يستطيع العيش والبقاء والتكيف مع متغيرات البيئة، الحارة أو الباردة، المرتفعة أو المنخفضة كما يتحمل الجوع والعطش. وقد اتخذ الصوم بجميع أنواعه وأشكاله، وسيلة علاجية منذ العصور القديمة حتى عصرنا الحاضر، وإن اختلفت صوره من بلد إلى بلد ومن ديانة لأخرى، فهناك صوم عن الطعام والشراب، وهناك صوم عن بعض الملذات أو بعض المأكولات ولكنها في المفهوم العام كلها صوم.
يقول الدكتور العالمي ألكسيس كاريك الحائز جائزة نوبل في الطب في كتابه الذي يعتبره الأطباء حجة في الطب «الإنسان ذلك المجهول»، ما نصه: «إن كثرة وجبات الطعام تعطل وظيفة التكيف مع قلة الطعام التي أدت دوراً عظيما في بقاء الأجناس البشرية، ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم والحرمان من الطعام».
ومما يميز الصوم الإسلامي عن بقية صور الصوم الأخرى أنه متوافق مع طبيعة احتياجات الإنسان ومتوازن مع عمليتي الهدم والبناء والساعات البيولوجية لجسم الإنسان، ويتعدى ذلك بأن فيه تخليصاً للجسم من السموم المتراكمة نتيجة العمليات البيولوجية مما يعطي الجسم نشاطاً واتزاناً في وظائفه الفسيولوجية.
يقول الدكتور بركات محمد السلامي، استشاري أمراض باطنية وجهاز هضمي بمستشفى الملك فهد بجدة، إنه أجريت عدة دراسات على مستوى العالم وفي أرقى المراكز الطبية بمساعدة باحثين إسلاميين حول الفائدة العظمى للصوم، فوجدوا بالدليل القاطع أن للصوم فوائد جمة وعديدة على الجسم ووظائفه.
ومن تلك الدراسات والأبحاث بحث نشر في مجلة Gastroenterol Clin أظهر أن الصيام لا يؤثر في قرحة المعدة بشرط أن يتناول المريض العلاجات، خاصة تلك التي تعالج زيادة حموضة المعدة. ونشر في العدد 41 من المجلة العلمية للأغذية: أن الصيام عند المسلمين يؤدي إلى قلة الكوليسترول والدهون الثلاثية ويؤدى إلى زيادة الدهون الحميدة في الدم. وفي عام 2000 ذكرت المجلة الأوروبية للتغذية السريرية بحثاً أجري في دولة الكويت كشف أن الصوم يؤدي إلى زيادة نسبة الدهون المفيدة في دم المرضى الذين يعانون من زيادة كبيرة في الكوليسترول وإلى انخفاض نسبة حامض اليوريك. وفي مجلة الأغذية الطبية السريرية كشفت نتائج دراسة مهمة، أجريت عام 2000، بأن الصيام يقلل من ارتفاع نسبة حامض اليوريك في الدم الذي يسبب داء النقرس.
وفي نفس المجال أظهرت دراسة علمية أخرى نشرت في المجلة الأوروبية لعمل الوظائف بعددها 73 Eur j Appl Physiol ان الصيام يقلل من قدرة الكريات الدموية على التجمع ويقلل من لزوجتها وهذا مفيد جداً لتفادي الإصابة بالنوبات القلبية، لان زيادة لزوجة هذه الكريات الدموية يعتبر عاملاً أساسيا لحدوث الأزمات القلبية والدماغية. وهذه النتائج مهمة بالنسبة للمرضى المصابين بأمراض الشرايين وخلل في التمثيل الأيضي للدهون.
فوائد الصوم ويضيف الدكتور بركات السلامي أن الصوم يقي من الأمراض الجسدية والنفسية من خلال طرحه للسموم المتراكمة فيه، وتنقية دمه، وجلاء حواسه، وتحسين هضمه وامتصاص الميت والضعيف من انسجته واستبدالها بأنسجة جديدة وبذلك فهو يعيد للجسم شبابه وحيويته.
كما إن الصوم وسيلة فعالة للشفاء من الأمراض الحادة، خصوصاً المصحوبة بقيء آو إسهال أو ارتفاع في درجة الحرارة، حيث يتيح الصوم لخلايا الجسم وأنسجته راحة فسيولوجية خصوصاً المعدة والأمعاء فتتخلص من سمومها، ويقوي جهاز المناعة للتغلب على أسباب المرض فيصح الجسم. كما إن الصوم علاج للكثير من اعتلالات البدن ومنها الأمراض المزمنة مثل الربو، والسعال التحسسي والتهاب القصبات المزمن وبعض أمراض القلب والروماتيزم والتهاب المفاصل والتهابات الأوردة المزمنة، وحب الشباب، وارتفاع الكوليسترول وعسر الهضم وسوء الامتصاص والتهاب القولون المزمن وداء البول السكري، والتهاب الجيوب الأنفية والشقيقة وعلاج السمنة والأمراض الناتجة عنها.
أجريت عدة دراسات وتجارب، في مجمع الملك حسين بالأردن، على صائمين أصحاء لمعرفة تأثير الصوم على جهازهم الهضمي. أثبتت إحداها أن حموضة المعدة تنتظم مع الصوم ويحدث بعض التغيرات الهورمونية والبيولوجية التي تؤدي إلى شفاء وتحسن جدارها المخاطي والتخلص من الالتهابات والتقرحات المزمنة.
ووجد في دراسة أخرى أن الصوم علاج لصعوبة وظيفة الإخراج وذلك بتغيير الساعة البيولوجية للعضو فيصحبها تغير في وظائفه. إن تحسن الجدار المخاطي وتعافيه مع الصوم لهو علاج ناجح لمعظم اضطرابات الهضم والإخراج من القولون العصبي، والإسهال المزمن، وحالات الإمساك. هذا جزء بسيط مما ظهر للعلماء والباحثين من تأثيرات الصوم ولكن ما زال هناك الكثير من الأسرار الصحية التي تظهرها الأبحاث القادمة.
وخلاصة الحديث، أن الصوم صحة للأبدان وراحة للأنفس وهدوء للبال. ولا تتحقق هذه النتائج المذهلة صحياً ونفسياً إلا باتباع تعاليمه حرفياً وتطبيقها، ومنها:
1 ـ الحركة خلال فترة الصوم، فالصوم والحركة يخلصان الجسم من السموم المتراكمة فيه.
2 ـ عدم شرب الماء (الصوم على الشراب) فيه تقليل لنسبة السوائل في الجسم فتنشط الدورة الدموية، والإخراج القلوي.
3 ـ الامتناع عن الأكل نهاراً وعدم الإكثار منه ليلاً، فرصة لعلاج السمنة وزيادة دهون وشحوم الجسم والتي هي مستودعات لكثير من المواد السامة الناتجة عن العمليات البيولوجية في الجسم.
4 ـ الندب بتناول الرطب مع الإفطار فيه إمداد للطاقة السهلة (وقود سريع الاحتراق) حيث يحتوي على نسبة عالية من الجلوكوز مصدر الطاقة، وفيه سكريات أخرى مثل السليولوز الذي يقوي وينشط حركة الأمعاء لاستقبال الأكل.
* المصابون بالأمراض الروماتيزمية.. والصيام
* كلمة «الروماتيزم» كلمة شائعة تدور كثيراً على ألْسنة الناس ويُقصد بها أي اضطراب يسبب ألماً أو تيبساً بالمفاصل والعضلات. ويتم تشخيص الأمراض الروماتيزمية عن طريق الفحص السريري وفحص الدم والفحوص الإشعاعية وغيرها.
ومن أكثر المشاكل التي تصادف مرضى الروماتيزم خلال شهر رمضان المعظم، كما يقول البروفيسور محمد زغلول أستاذ الأمراض الباطنية والروماتيزم بكلية الطب جامعة الأزهر والاستشاري بمستشفى الملك فهد بجدة سابقاً، هي مشكلة الأدوية التي يتناولونها أثناء الصيام. ويضيف ان أكثر الأدوية استعمالاً في علاج الروماتيزم هما نوعان: النوع الأول: مضادات الالتهابات غير الكورتيزونية، ومن أمثلتها (الاندوسيدIndocid )، (الفولتارينVoltaren )، (الفيلدين Felden)، (البروفينBrufen ) وتختلف هذه الأدوية من حيث القوة ومدة عملها في جسم الإنسان.. فمنها ما يعطى مرة واحدة في اليوم ومنها ما يعطى ثلاث مرات. وهذه الأدوية تعطى على شكل حبوب أو تحاميل شرجية أو شراب أو إبر بالعضل. وأهم مضاعفاتها يتركز على الجهاز الهضمي، فهي قد تؤدي إلى الإصابة بتقرحات بالمعدة مما يسبب مغصاً وألماً بالبطن وتكثر هذه المضاعفات عند الرجال المسنين والنساء أو من أصيب بقرحة بالمعدة في السابق أو عندما تؤخذ على معدة فارغة. ولهذا يجب عدم تناول هذه الأدوية إلا بعد تناول وجبة الإفطار في رمضان. وقد يحتاج الأمر إلى تناول الأدوية التي تخفف من حموضة المعدة مثل (مالوكس Maloox ) أو (زانتاكZantac ) أو (لوسيك Losec).
وفي شهر رمضان تعطى هذه الأدوية بعد وجبة السحور إذا وُصفت للمريض بحيث يتناولها مرة واحدة في اليوم. أما إذا كان سيتناولها مرتين فيكون التوقيت بعد الإفطار وبعد السحور. كما لوحظ أن هذه الأدوية تحدث ارتفاعاً في البولة الدموية ( يورياUrea ) عند استعمالها أثناء الصيام من قبل مرضى الكلى والمسنين.
النوع الثاني: مضادات الالتهابات الكورتيزونية. والكورتيزون هرمون موجود بالجسم البشري تفرزه الغدة الكظرية (فوق الكلوية) وهو يساعد الجسم في التعامل مع الضغوط النفسية والجسدية والمرضية. ويُصَنَّعُ الكورتيزون على شكل أدوية بجرعات تفوق ما يفرزه الجسم. وهو يفيد في علاج الأمراض الروماتيزمية والمناعية. ولكن لا يجوز استعماله بدون استشارة الطبيب. وفي شهر رمضان ينصح بتناول الكورتيزون بعد وجبة الإفطار وبعد وجبة السحور. وإذا اشتكى المريض من الحموضة فقد يحتاج إلى أدوية الحموضة كما سبق ذكره.