إن سقوط الشعر كما نعلم جميعا يشكل مشكلة كبيرة بالنسبة للمرأة وكذلك للرجل، ولكن عندما يجد الإنسان وبدون أي مقدمات بقع و مناطق محددة دائرية خالية من الشعر فإن ذلك يؤدي إلى الإزعاج والقلق الشديد خشية أن تنتشر هذه البقع وتشمل الشعر كله.
إن مرض الثعلبة أو الحاصة البقعية من اكثر الأمراض الجلدية شيوعا وانتشارا ، وهو عبارة عن تساقط الشعر في منطقة محدة من الرأس أو من شعر الوجه ، وفى بعض الحالات قد تعم الثعلبة الرأس كله أيضا. ويشكل مرض الثعلبة 5% - 7% من الأمراض الجلدية المترددة على العيادات
الجلدية في اغلب الدول ، كما أنه يصيب النساء و الرجال بنسب متساوية، ويصيب أية مرحلة سنية ، فقد يصيب الأطفال من بداية سنتين وجميع الأعمار.
لقد عرف الإنسان هذا المرض منذ مئات السنين، و أول من أطلق اسم الثعلبة على هذا المرض هو العالم سفاج (Sauvages ) سنة 1760 ميلادية في باريس ، إلا أن
كثير من العلماء و الأطباء بعد ذلك حاولوا تغيير اسم هذا المرض ، وقد ادعى بعضهم فى سنة 1843م من أن هذا المرض يرجع إلى الإصابة بعض الفطريات والميكروبات . ولكن في سنة 1900 م ومع التطور السريع في علم الميكروبات والمختبرات الطبية ، تم إثبات أن مرض الثعلبة ليس له علاقة بالميكروبات أو
الفطريات أو الطفيليات.
وقد سمى بهذا الاسم لان فراء الثعالب قد يضيره وجود بعض المناطق الخالية من الشعر ويؤدي إلى تشوهه ولذلك تقل قيمته عن نظيره من فراء الثعلب غير المصاب بهذا المرض .
.
أسباب مرض الثعلبة:
سبب الثعلبة غير معروف بالضبط حتى ألان ، ولكن تلعب الأعصاب والحالات النفسية دورا هاما في إحداث المرض كما أثبت الكثير من الدراسات ذلك فأن القلق النفسي و التوتر العصبي المتزايد بازدياد مشاكل العصر الحديث الكثيرة والضغوط النفسية تعتبر من أهم الأسباب التي تؤدي إلى حدوث مرض الثعلبة. .
وهناك أسباب وراثية قد تشكل 10% من الحالات ، وكذلك تظهر في حالات الاكزيما الوراثية بكثرة . وقد يكون للبؤر العفنة و أمراض الأسنان كالتسوس و
الجيوب الأنفية المزمنة والغد الصماء و اختلال انكسار العين اثر في إظهار مرض الثعلبة حيث أن ضعف قوة الأبصار وعدم تعويضه بالنظارة أو العدسات اللاصقة يساعد على حدوث الثعلبة.
وحديثا ثبت من أن مرض الثعلبة قد يصيب الإنسان نتيجة مدافعة الجسم ضد بعض أنسجته أي أنه تتكون أجسام مضادة ذاتية توجه إلى بصيلات الشعر وتوقفها عن العمل وتحد من انقسام خلايا الشعر فتصبح الشعرة في مرحلة عدم النشاط ( Catagen phase ) ويكون ذلك نتيجة خلل معين في جهاز المناعة للإنسا المصاب
بالثعلبة .
وتفيد بعض الأبحاث بأن نقص بعض العناصر مثل مادة الزنك قد تحدث مرض الثعلبة، إلا أننا وجدنا في بحث أجري على 87 مريض بالثعلبة في دولة قطر أن نسبة الزنك مرتفعة في 36% تقريبا من هؤلاء المرضى وقد يؤكد هذا البحث أن يكون زيادة الزنك وليس نقصانه يؤدي إلى حدوث خلل بالجهاز المناعي للإنسا المصاب بالثعلبة .وعلى العموم فان كل هذه العوامل مازالت تحت البحث ، وكلها اعتقادات تحتاج لدراسة اكثر للحصول على نتائج علمية دقيقة يمكن الاعتماد عليها.
أن الشكوى المشتركة بين معظم مرضى الثعلبة هي الخوف من سقوط الشعر من الرأس كله و بالتالي الصلع - وكذلك لا ننسى الناحية الجمالية للشخص .
وهذا المرض يظهر على شكل بقع دائرية خالية من الشعر، وغالبا ما يكون اكتشافها بالصدفة عند التسريح، أو عند الصالون أو الكوافير أو رؤية أحد من أفراد الأسرة لها ، وقد تحدث في الحاجب أو الرموش ، وكذلك الذقن و الشارب بالنسبة للرجل . و يبدو جلد شعر الرأس من خلال هذه البقع طبيعيا تمامابلا قشور أو تغير في لون جلد فروة الرأس، فليس هناك أي إحساس بالألم، أو ضمور، أو تضخم بالجلد، أو أضرار، أو اختلال بإفراز العرق أوالدهن، و يلاحظ أن الشعر عند الإصابة يشبه علامة التعجب " ! " . وقد تكون البقعة دائرية الشكل مفردة وبمنطقة محدة بوسط الرأس مثلا ، وهذه الحالات تشفى بالعلاج أسرع من غيرها ، وهناك نوع
آخر بأطراف الرأس في شكل شريط يحيط به وسمي هذا النوع (الحية أو الثعبان) (Ophiasis) وهذه الحالات كثيرا ما تقاوم العلاج .
وثمة نوع ثالث عبارة عن إصابة كل أجزاء فروة الرأس ويسمى بالثعلبة الكلية ( Alopecia totalis ) وهي التي يسقط فيها شعر الرأس كله دفعة واحدة، وكأنها محلوقة ، ولنا أن نتخيل وجه رجل أو امرأة بلا حواجب ورموش ولا شعر رأس فيبدو المصاب كصورة غير محددة وبلا رتوش .
وهناك نوع رابع عبارة عن تساقط كل شعر الجسم و هذا هو النوع العام بالجسم ( Alopecia universalis ) ويصبح فيها المريض بدون أي شعر على جسمه ، فلا يوجد شعر بفروة الرأس ، ولا الحواجب ولا الرموش ولا الأطراف ، وكذلك شعر منطقة الإبطين أو شعر العانة . وهذه الحالات الأخيرة يصعب
علاجها، و افضل شئ لذلك هو العرض على أخصائي الأمراض النفسية ومساهمته في العلاج. وقد أصيبت الملكة اليزابيث الأولي به فقد سقط شعر جسمهابالكامل فلم يبق عليه شعرة واحدة .
و من الملاحظ أن الثعلبة كثيرا ما يصاحبها تغيرات في الأظافر ، و كلما زادت شدة المرض كلما زاد شمول الأظفار ، كما نلاحظ وجود نتؤات منتظمة الترتيب في خطوط أفقيه أو رأسيه في الأظافر .
علاج الثعلبة:
ينصح بعدم علاج الثعلبة ألا تحت إشراف طبي متخصص، وعدم استخدام مواد تهيج الجلد مثل الثوم ( طب شعبي ) لما قد يكون له من أثر عكسي في علاج الثعلبة، وقد يؤدي كذلك إلى ضمور بصيلات الشعر. يبدأ علاج مريض الثعلبة دائما بطمأنة المريض بأن شعره سوف يعود للنمو من جديد كما كان ، ويجب أن يقدم شرح تفصيلي للمريض عن طبيعة مرضه وأن الاستجابة للعلاج ممكن أن تكون سريعة ، وقد تكون بطيئة .
ونحب أن نطمئن الجميع من أن الثعلبة غير معدية لبقية أفراد الأسرة ، وتجاوب الثعلبة مع العلاج في معظم حالاتها وخاصة النوع المحدود منها.وتفيد المطمئنات لراحة الأعصاب ، و أيضا العلاجات لتقوية الأعصاب و معالجة الحالة النفسية. وقد تفيد علاجات الغد الصماء، وإزالة البؤر العفنة ، ومعالجة الأسنان و اضطرابات النظر ، مثل اختلال انكسار العين و خاصة الاستجماتزم، و عند إصلاح ذلك الخطأإن وجد بواسطة نظارة طبية مثلا فان الشعر سرعان ما ينمو مره أخرى . وقد وجد بالبحث أن النساء و الفتيات المصابات بمرض الثعلبة تكون درجة
الاستجابة للعلاج افضل منها في الذكور.
و من العلاجات الموضعية التي تشمل مركبات الكورتيزون ، الفينول ، الانثرالين تعطى نتائج إيجابية في الكثير من
الحالات.فكثيرا ما نرى نحن أطباء الجلد مرضى يعانون من ثعلبة متكررة بالرأس أو الوجه يدخل العيادة ويطلب من الطبيب أن يضربه بالمسدس، طبعا هذا المسدس ما هو إلا جهاز يسمى ( الزرق النفاث Dermojet ) حيث يستخدم هذا الجهاز اليدوي لإدخال مادة الكورتيزون في الجلد المصاب بالثعلبة بالضغط الهوائي. و يترك موضوع
إعطاء الكورتيزون داخليا للمريض في الحالات المزمنة و المنتشرة بكل الرأس أو الجسم للطبي المختص نفسه حسب الحالة . وقد تستجيب بعض الحالات إلى العلاج الضوئي ( PUVA خصوصا النوع العام .
وحديثا أجريت عدة دراسات و أبحاث حول علاج الثعلبة بالموسيقي والإيحاء النفسي، في إحدى هذه الدراسات تم استخدام هذا النوع من العلاج في ستة حالات لم تستجب للعلاج التقليدي ، فبعد عدة جلسات باستخدام أشرطة لكاسيت وكانت تحتوي على إرشادات للمريض بالثعلبة على أن هذا المرض سوف لن يؤثر على حياته العملية وطبعا
يكون ذلك بإدخال مؤثرات صوتيه مثل الموسيقي وصوت الماء و البحر و الطيور، وقد استجابت أربع من هذه الحالات استجابة تامة لهذا النوع من العلاج ، وهذا ما يؤكد من أن للحالة النفسية و التوتر العصبي دورا مهما في حدوث مرض الثعلبة.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]